الاثنين، 7 مارس 2022

الزعيم محمد علي

 


ولد صبي بقامة قصيرة، بنية قوية، عيون زرقاء ونظرات حادة، ذلك الصبى اسمه "محمد على" وهو اسم مركب (وهو من سنعرفه بعد ذلك بالكبير) في عام 1769 فى مدينة قولة إحدى موانى مقدونيا .
كان هو الوحيد الذى بقى على قيد الحياة من بين سبعة عشر شقيقاً ماتوا جميعا وهم فى عمر الزهور ، مات أبوه " إبراهيم أغا " وهو رئيس الحرس المنوط به حراسة الطرق، وعملت الأم على رعاية وحيدها حتى أمد الله فى عمره وتجاوز أعمار أبنائها السابقين.
ثم سرعان ما لحقت أمه (زينب) بأبيه، وأصبح (محمد على) يتيم الأبوين وهو ابن الرابعة عشرة من عمره فكفله عمه طوسون.
وحين توفى والدته تولى أمره عمه طوسون وتدريجيا تخلى عن التدليل وعهد حياة التقويم، فأجاد ركوب الخيل وتصويب السهام وإذا كان البحر الهادئ لا يصنع بحارا جيدا فقد تهيأ له السباحة فى خضم الأمواج الهادرة.
تحكى قصة عن بداية نبوغه أنه حين تسابق مع زملائه على السباحة من الشاطئ إلى إحدى الجزر القريبة وحين هبت العاصفة وغضب البحر، تراجع أصدقاؤه وظل يجدف وحيدا ووصل ظافرًا إلى الجزيرة وقد تشققت يداه وفى هذا اليوم حمل لقب "الزعيم" من قبل أصدقائه، ولم يتخل عنه مدى الحياة لتتاكد أول مواهبه وأعظمها شأنا متمثلة فى المثابرة والجلد وبعد النظر وسعة الحيلة والحنكة وعلى رأس هذه الصفات كان ذكاؤه الخارق هو جوهرة التاج فى عرش صفاته.
يقول محمد على عن طفولته :
" ولد لأبى سبعة عشر ولداً، لم يعش منهم سواى، فكان يحبنى كثيراً، ولا تغفلٍ عينه عن حراستى كيفما توجهت، ثم توفاه الله فأصبحت يتيماً قاصراً وأبدل عزى ذلاً، وكثيراً ما كنت أسمع ذات عشرائى يكررون هذه العبارة الذي لا انساها عمرى وهى: ماذا عسي يكون مصير هذا الولد التعيس بعد أن فقد والديه، فكنت اذا سمعتهم يقولون ذلك اتغافل عنه، ولكننى أشعر بإحساس غريب يحركنى إلى النهوض من تحت هذا الذل، فكنت أجهد نفسي بكل عمل استطيع معاطاته بهمة غريبة حتي كاد يمر علي أحيانا يومان لا أكل ولا انام الا شيئاً يسيرا، ومن جملة ما قاسيته أني كنت مسافرا مرة في مركب فتعاظم النوء حتي كسره فتركني رفاقي وطلعوا إلى جزيرة هناك علي قارب كان معنا، أما أنا فجعلت اجاهد نفسي في الماء وسعي، تتقاذفني الأمواج ، وتستقبلني الصخور، حتي تهشمت يداى وكانت لا تزالان يانعتين، وما زلت حتي آراد الله ووصلت الجزيرة سالماً، وقد أصبحت هذه الجزيرة قسماً من مملكتى الآن!
هذا جزء مما كتبه جورجي زيدان 1893 في مجلة الهلال بعد مرور أربعة عقود على رحيل محمد علي.
ويُقال أن تنبأت عرافة القرية بعد مولده مباشرة بعلو شأنه وارتفاع نجمه الذى يصل إلى مرتبة الملوك والأمراء وظلت هذه النبوءة شماعة الأمل الذى يبدد شبح اليأس عن أمه.
*الصورة للبيت الذي ولد فيه محمد علي في قولة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق